responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 8  صفحه : 161
[سورة التوبة (9): آية 53]
قُلْ أَنْفِقُوا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً لَنْ يُتَقَبَّلَ مِنْكُمْ إِنَّكُمْ كُنْتُمْ قَوْماً فاسِقِينَ (53)
فِيهِ أَرْبَعُ مَسَائِلَ [الْأُولَى] قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: نَزَلَتْ فِي الْجَدِّ بْنِ قَيْسٍ إِذْ قَالَ ائْذَنْ لِي فِي الْقُعُودِ وَهَذَا مَالِي أُعِينُكَ بِهِ. وَلَفْظُ" أَنْفِقُوا" أَمْرٌ، وَمَعْنَاهُ الشَّرْطُ وَالْجَزَاءُ. وَهَكَذَا تَسْتَعْمِلُ العرب في مثل هذا تأتي بأو كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ «[1]»:
أَسِيئِي بِنَا أَوْ أَحْسِنِي لَا مَلُومَةً ... لَدَيْنَا وَلَا مَقْلِيَّةً إِنْ تَقَلَّتِ
وَالْمَعْنَى إِنْ أَسَأْتِ أَوْ أَحْسَنْتِ فَنَحْنُ عَلَى مَا تَعْرِفِينَ. وَمَعْنَى الْآيَةِ: إِنْ أَنْفَقْتُمْ طَائِعِينَ أَوْ مُكْرَهِينَ فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْكُمْ. ثُمَّ بَيَّنَ عز وجل لِمَ لَا يُقْبَلُ مِنْهُمْ فَقَالَ:" وَما مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ" [التوبة: 54] فَكَانَ فِي هَذَا أَدَلُّ دَلِيلٍ وَهِيَ: الثَّانِيَةُ- عَلَى أَنَّ أَفْعَالَ الْكَافِرِ إِذَا كَانَتْ بِرًّا كَصِلَةِ الْقَرَابَةِ وَجَبْرِ الْكَسِيرِ وَإِغَاثَةِ الْمَلْهُوفِ لَا يُثَابُ عَلَيْهَا وَلَا يَنْتَفِعُ بِهَا فِي الْآخِرَةِ، بَيْدَ أَنَّهُ يُطْعَمُ بِهَا فِي الدُّنْيَا. دَلِيلُهُ مَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، ابْنُ جُدْعَانَ كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ يَصِلُ الرَّحِمَ وَيُطْعِمُ الْمِسْكِينَ فَهَلْ ذَلِكَ نَافِعُهُ؟ قَالَ: (لَا يَنْفَعُهُ، إِنَّهُ لَمْ يَقُلْ يَوْمًا رَبِّ اغْفِرْ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ). وَرُوِيَ عَنْ أَنَسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مُؤْمِنًا حَسَنَةً يُعْطَى بِهَا فِي الدُّنْيَا وَيُجْزَى بِهَا فِي الْآخِرَةِ وَأَمَّا الْكَافِرُ فَيُطْعَمُ بِحَسَنَاتٍ مَا عَمِلَ لِلَّهِ بِهَا فِي الدُّنْيَا حَتَّى إِذَا أَفْضَى إِلَى الْآخِرَةِ لَمْ يَكُنْ لَهُ حَسَنَةٌ يُجْزَى بِهَا (. وَهَذَا نَصٌّ. ثُمَّ قِيلَ: هَلْ بِحُكْمِ هَذَا الْوَعْدِ الصَّادِقِ لَا بُدَّ أَنْ يُطْعَمَ الْكَافِرُ وَيُعْطَى بِحَسَنَاتِهِ فِي الدُّنْيَا أَوْ ذَلِكَ مُقَيَّدٌ بِمَشِيئَةِ اللَّهِ الْمَذْكُورَةِ فِي قَوْلِهِ:" عَجَّلْنا لَهُ فِيها مَا نَشاءُ لِمَنْ نُرِيدُ" [2] [الاسراء: 18] وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ مِنَ الْقَوْلَيْنِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَتَسْمِيَةُ مَا يَصْدُرُ عَنِ الْكَافِرِ حَسَنَةً إِنَّمَا هو بحسب

[1] هو كثير عزة، كما في كتاب الأمالي لابي على القالي.
[2] راجع ج 10 ص 235.
نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 8  صفحه : 161
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست